الجمعة، 22 فبراير 2013

كن فيلسوفا يرى العالم ألعوبة




كن فيلسوفا يرى العالم ألعوبة........و لا تكن صبيا هلوعا - جمال الدين الأفغانى
لا تخف..... لا تخف ...... لا تخف 
"الأستاذ / عمار على حسن"

لا تخف، فالروح لخالقها، والرزق في السماء، والأرض في نهاية المدي يرثها الشجعان المخلصون، والأنام جميعهم إلي ذهاب، والدود لا يفرّق بين من مات من فرط الشبع، ومن قتله الجوع.
لا تخف...

لأن السلامة في المواجهة، ولأن الجبان يموت ألف مرة، والحياة لا تتقدم إلا إذا عرف الناس أن عاقبة الجبن أوخم كثيرا من عاقبة الرفض، وأدركوا أن الذين قالوا «لا» هم من عبّدوا للبشرية طريقها إلي التقدم، وأخرجوها من الظلمات إلي النور.
لا تخف من سجان، لأنه هو الذي يخاف منك ، ولا تخف من سلطان، لأن نفيك سياحة، وسجنك خلوة، وتعذيبك جهاد، وقتلك شهادة.
وقل في نفسك بثقة متناهية: لو لم يكن السلطان أو السجان خائفا فلِمَ الحرس والأسوار والعربات المصفحة، ولو لم يكن مرعوبا فلِمَ يخفي عنّا خط سيره ومعالم سيرته، ويضع علي صندوق أسراره ألف ترباس، ولِمَ يخطف كل شيء منا بليل، ولم يكره النهار، ويمقت الصدق، ويخشي المنافسة؟!.
لا تخف...












فالبحر ابتلع فرعون، والأرض التهمت قارون وماله، والبعوضة أذلت النمرود، وفئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله. وإذا قلت لنفسك إن زمن المعجزات قد ولي، فاعلم أنك أنت المعجزة، عقلك المتوقد ومشاعرك الفياضة وطاقتك التي لا تنفد، وتذكر الهنود الذين كانوا ينامون أمام قطارات الإنجليز لا يهابون الموت، ملبين نداء زعيمهم العظيم المهاتما غاندي، حتي حرروا بلادهم.
وتذكروا أن أربعين رجلا تحت قيادة كاسترو وجيفارا أسقطوا نظام حكم كاملاً في كوبا، وأن رجلا واحدا هو مارتن لوثر كينج حرر سود أمريكا من العبودية، وأن صرخته الشهيرة «أنا أحلم» تحولت إلي حقيقة، باقتراب باراك أوباما الأسمر من أن يصير رئيسا للولايات المتحدة.
وتذكر أيضا أن رجلا أسمر آخر، هو نيلسون مانديلا، قد صمد في سجنه نحو ثلاثين عاما، لم ينكسر ولم يخن، حتي انهار جدار العنصرية في جنوب أفريقيا تحت ضربات عزمه الذي لم يلن، وإرادته التي لم تتراخ.
لا تخف...

«كن فيلسوفا يري العالم ألعوبة، ولا تكن صبيا هلوعا»، هكذا قال جمال الدين الأفغاني لتلميذه النجيب محمد عبده.. قول كان يؤمن به، ويدرك أنه السبيل الوسيع لإيقاظ الهمم، وإلهاب المشاعر، وإزاحة أنظمة الحكم المستبدة. ومثل هذا القول وذلك الإيمان هو الذي خلد صاحبه فينا، وجعله أحد صناع نهضتنا الحديثة، التي أقعدها مستعمرون من بني جلدتنا، وزعموا أننا في زمن الاستقلال والحرية.
كن فيلسوفا، وكن واحدا من الذين قال فيهم عبد الرحمن الكواكبي: »ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس، ويرفعون الالتباس، يفكرون بحزم، ويعملون بعزم، ولا ينفكون حتي ينالوا ما يقصدون«.
لا تخف...

ولا تنس أن قصيدة شعر أسقطت نظام الطاغية الروماني شاوشيسكو، وأن رواية واحدة، هي «كوخ العم توم»، قد أطلقت شرارة تحرر سود أمريكا من العبودية، وقل دائما: في البدء كانت الكلمة، وتذكر دوما أن أول كلمة في القرآن هي «اقرأ»، ثم تدبر أمر السلاطين الذين تسولوا المجد علي أبواب الكلمات، فحاول صدام أن يكون روائيا، والقذافي أن يكون قاصا وفيلسوفا، ولم يكفهم الجاه والثروة والأمر والنهي.

ولهذا لا تعتقد أن الرصاصة أقوي من الكلمة، فارفع حرفك في وجه أصحاب السطوة والسوط، وارفع صوتك عاليا في وجه الجبارين، نافضا عن نفسك كل أسباب الخمول والخمود والركوع والخضوع، وارفع فأسك التي تشق بها الأرض العفية، وشُج بها رأسك ظالمك.
لا تخف ...
ولا تأس علي ما فاتك، فالمستقبل لك، والأيام يداولها الله بين الناس، والمناصب تزول، والتاريخ مليء بسجانين سيقوا إلي غياهب الزنازين، وطوتهم القبور، ولفهم النسيان، فلم يعد لهم بين الناس ذكر إلا حين يستحضرونهم ليلعنوهم. والتاريخ مليء أيضا بمتغطرسين هدهم المرض، ودهستهم أقدام الثائرين، وأكلهم الندم علي ما فرطوا من واجبات في أعناقهم، وما اغتصبوا من حقوق ليست لهم. ولا تفرح بما آتاك، فلا يزال أمامك الكثير الذي يجب عليك فعله من أجل أن يولد الغد عفيا علي أكف الحاضر، وتشرق شمس الحرية، وتغمر بلادنا بنورها الفياض.
لا تخف ...

بل أغمض عينيك، وأطلق العنان لخيالك، فيمكنك أن تصير ما تريد، إن أدركت أن بين جوانحك طاقة جبارة، وأيقنت أنك خليفة الله في الأرض، وأنك المكرم من بين كل المخلوقات، المسخر لك كل شيء من أجل خدمتك، وأن المجد لله في الأعالي، والعبودية له في كل مكان، وليست لأي فرد مهما أوتي من جبروت، وأن أمهاتنا ولدتنا أحرارا، ولسنا عقارا ولا تراثا، نستبعد، ونباع ونشتري.
لا تخف ...
فالذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، وحزمة من حطب هش أقوي من عود خيزران واحد، وقطرات ماء تدوم بوسعها أن تفلق الصخر، ودفقة نور واحدة من شمس الصباح تبدد الكثير من الغيوم.


الخميس، 21 فبراير 2013

أبو قـــــــردان



" .......أبو قردان لو بودان كان استوعظ كل آدان ....... " هكذا تغنى المجموعه – حين كان لدينا فرقة غنائيه تسمى المجموعه ما بين مطربين و مطربات يغنون للوطن و الحياه قبل أن يصبح لدينا مخنثين و مخنثات – لا أعرف ان كان هناك فارق – لا تدرى ان كان الصوت لذكر أو أنثى و لا تدرى ماذا يقول على وجه التحديد .... على رأى سمير غانم " .. هى الكوره فين .. ؟ " لنسأل نحن " .. هى الأغنيه فين ؟؟ .. "

















استمع الى كلمات المجموعه و أنا شارد الذهن أنظر من نافذة السياره فتزداد لوعتى و أنا أرى الطريق ما بين قريتنا – التى كانت قريه – و المدينة القريبه . زفرات الأسى تكاد تحرق صدرى لوعة و حزنا على المساحة الخضراء الجميلة التى كانت تفصل بينهما .
حلم الرفاهية الملعون يقتل أصل الحياة ... أصل الحضارة و نبع العطاء يغتال ما عمرته يد الأجداد و عاش عليه عظماء الدنيا ليتعلموا من جريان الماء و خضرة الزرع و الشمس المشرقة و يعلموا العالم معنى الحضارة و الرقى و الخلود . أرى كل ذلك أمامى و هو يقتل جهارا نهارا بدعوى الحداثة و المدنية و التقدم – لعنة الله على تلك الحداثة و التقدم ان كان هذا هو الثمن .
أنزل من السيارة و كلمات الأغنية ترن فى أذنى " أبيض فى ابيض و لا زعلان ... أبو قردان ". أسير فى شوارع المدينة – التى كانت مدينة – شئ يخنقنى ... أكوام القمامة .. عوادم السيارات .. لا ... ليس هذا ... انه المنظر الفج القمئ لتلك المبانى العالية ... أكاد أصرخ كالمجنون .. ألعن تلك الحداثة القاسية القلب . ألعن تلك الحضارة المزعومة المدمرة الجوفاء .
" .. لله يا محسنين .." ترن الكلمة فى أذنى .. أتلفت حولى... لا أجد أحدا ... " .. لله يا محسنين .." – يا الهى من هذا المتسول المجهول الخفى ... و ما الذى جعل الطريق فارغا هكذا ؟؟؟ ... لا أرى أحدا حولى !!
" .. لله يا محسنين .." .. أنظر حولى ... يا الهى ... لا يوجد فى الشارع الا أنا و ... هو
 " نعم  يا صديقى .. لا تخف .. انه أنا " ... يا ربى    نطق الطائر الحزين  لا حول و لا قوة الا بالله " و ماذا تفعل هنا يا طائر الحقول يا صديق الفلاح ؟"
نظر أبو قردان بعيون حزينة كسيره  ... " الحقول و الفلاح ؟ أين هم يا صديقى ؟ أتظن أنى هجرت الأرض و الفلاح و جئت أبحث عن حياة ناعمة هنا فى المدينة .. لا يا صديقى لقد عشت هنا فى هذا المكان منذ خرجت من بيضتى رأيت بعينى أرضكم الخضراء الجميلة و سرت فى ربوعها مع أبى و أمى و أصدقائى و جيرانى ننعم بالحياة الهادئة الجميلة .. نسأل عن صديقنا الفلاح ان غاب يوما ... نسير خلفه أينما ذهب ننقى الأرض و نأكل و نشبع حتى جاء يوم صحونا فيه على صوت الجرافات و خلاطات الأسمنت تغتال الأرض تغتال الحياة .... حياتنا و حياتكم و يوما بعد يوم اختفت الأرض ووجدتنى وسط عالم لا أعرفه مبانى شاهقة و سيارات تروح و تجئ .. يا الهى... لماذا فعلتم هذا يا صديقى بأرضكم ... انها ثروتكم الحقيقية طالما حكى لى أبى عن أجدادكم و عشقهم للأرض لم يهجروها يوما لم يسافروا الى بلاد البترودولار ليعودوا محملين بالمال الملعون يغتالون به سر الحياة .. لم يا صديقى ... كيف طاوعتكم أنفسكم أن تهجروا الأرض ثم تعقموها كالذى يستأصل رحم الأم الولود ثم يقتلها بدم بارد و هو سعيد بتلك المظاهر الخادعة الكاذبة ؟ أتظن أننى الخاسر الوحيد ؟؟...  لا يا صديقى
أنتم الخاسرون لقد خسرتم أنفسكم قتلتم أصل الحياه بأيديكم قتلتم نبع الحضارة و العطاء قتلتم ماضيكم و حاضركم و راهنتم رهانا خاسرا على مستقبلكم ..ز أراك تشفق على و على حالى .. لا يا صديقى أنتم الأحق بالشفقة ...  أنتم الخاسرون ...  أنتم الخاسرون ...  أنتم الخاسرون "
ترن الكلمة فى أذنى و يتردد صداها .. أفيق من هذيانى على صوت سيارة تقف خلفى و آلة التنبيه يعلو صوتها و الشارع كله ينظر الى فى اشفاق و ذهول
أصرخ فى وجوههم جميعا " أنتم الخاسرون ...  أنتم الخاسرون ...  أنتم الخاسرون"

الله يرحمك يا كابتن لطيف

الكابتن "شوبير" الطنطاوى , صاحب الصوت العالى و الدم "الخفيييييييييييييييييييييييييف" بشكل يلطش , أضاف الى مجمع اللغة ...