فى خضم الثورات العربية و الحراك الشعبى الذى أصبح يشمل دولا عديدة ووصل صداه الى قلب العالم الرأسمالى فى أمريكا و أوروبا الغربية ... لم يلتفت أحد الى خبر صغير تداولته وسائل الاعلام عن مجلس التعاون الخليجى و هو دعوته لكل من الأردن و المغرب للانضمام الى المجلس , و قد يتساءل البعض أى رابط جغرافى يربط بين المغرب و الأردن و بين الخليج العربى؟؟ و كيف تتم دعوة هذه الدول و لا تتم دعوة دول مثل اليمن أو العراق و هى ذات جوار جغرافى مباشر مع الخليج و دوله ؟ و أى رابط يمكن أن نفهمه بين دول مجلس التعاون الخليجى و بين المغرب و الأردن و أى حماية يمكن أن توفرها هذه الكيانات العائلية لمثل هاتين الدولتين ؟ ثم لماذا فى هذا الوقت بالذات ؟؟
و الحقيقة الوحيدة التى نلحظها من وراء هذا الحدث أن الرابط الوحيد ما بين الدولتين (المغرب و الأردن) و بين دول الخليج أنهما الدولتان الوحيدتان الملكيتان فى العالم العربى خارج دول الخليج فدول العالم العربى كله ذات نظام جمهورى باستثناء دول الخليج و هاتين الدولتين. و يبدو أن الانسان لا يستطيع أن يخفى ما بداخله لفترة طويلة مهما حاول ذلك ففى هذا الاعلان المريب فى هذا الوقت المريب تتضح نوايا و توجهات هذه الدول – أو أشباه الدول . هذه الكيانات المصطنعة لرعاية مصالح الشركات الكبرى ... ففى دعوتها هذه اعلان رسمى برعايتها و دعمها للنظم الملكية العائلية العشائرية خارج و داخل نطاق الخليج العربى للحماية من طوفان الثورات الشعبية و هى رسالة لها شق آخر مفاده أننا سنقف ضد هذه الثورات و نحتويها بأى شكل فاذا كنا على استعداد لحماية و مساندة النظم الملكية البعيدة جغرافيا عن الخليج فماذا تتوقع منا لو اقتربت رياح الثورة من الخليج .
هذا الاجراء جاء بعد التدخل السافر للقوات المسلحة لدول الخليج لقمع الثورة فى البحرين و تدخلها السافر لمساندة نظام على عبدالله صالح فى اليمن ليصبح الاجراء منطقيا تماما و لو وضعنا تلك النقاط على خط مستقيم لتوقعنا ما سيحدث بعدها و ماذا كان يحدث قبلها .
ان هذه الكيانات الهزيلة سياسيا و اجتماعيا فى الواقع لا تقوى على حماية نفسها فما بالك بحماية غيرها و كلنا يدرك تماما مصدر الحماية الحقيقى لهذه الدول – أو أشباه الدول. و قد يظن البعض أنى أقصد هنا حماية الدول الكبرى عسكريا لهذه العائلات الخليجية .. فى الواقع ...لأ .. و من أراد أن يعرف حقيقة هذه العائلات التى تشكلت حولها ما يسمى بدول الخليج فليراجع ببساطة تاريخ كل من العائلات الستة التى تحكم هذه الكيانات و علاقتها بالمخابرات البريطانية و شركات البترول و مؤسسات المال العالمية ليدرك تماما أنها كيانات صنعتها و حافظت على وجودها تلك الشركات و المؤسسات العالمية و دعمتها أجهزة المخابرات و جيوش الدول الكبرى . و كانت و ما زالت تؤدى دورها حسب السيناريو المرسوم دون الخروج على النص , و حين خرج شعب البحرين على النص و ثار فى وجه الظلم شعرت هذه الكيانات الهزيلة بالرعب مما قد يحدث لا فى البحرين فقط بل فى قلب دولها و أصابها الرعب من مجرد التفكير أن تتحرك شعوبها مثل شعب البحرين بالرغم من كل ما فعلته هذه الأسر المشبوهة من اغراق لشعوبها فى عالم التخمة و الاستهلاك و الرفاهية المشبوهة حتى تتثاقل عن مجرد التفكير فى مستقبلها و مستقبل بلادها فى ظل هذه الأسر المشبوهة , و مخاطبة ذوى النفوس الضعيفة و المحرومين من أبناء باقى الدول العربية و الطامحين و الطامعين فى الثروة و الوفرة من أبناء هذه الدول المجاورة و هم يشاهدون مستوى العيش المرتفع و ثقافة الاستهلاك فى دول الخليج . و الأسوأ من ذلك حين يعود هؤلاء لأوطانهم محملين بالمال و الأجهزة الحديثة و هو ما أثر سلبا على نمط الحياة و التركيبة الاجتماعية فى دول عديدة من العالم العربى و على رأسها مصر.
هذه الدول المشبوهة تحركت فورا لقمع انتفاضة البحرين و لعبت أياديها الخفية فى توازنات القوى فى اليمن و كذلك فعلت و مازالت و ستظل تفعل فى مصر حتى لا تنعم باستقرار فى ظل ثورتها الفتية مستخدمة اللغة الوحيدة التى تفهمها و تجيدها و يفهمها عملاؤها من أبناء هذه البلاد .. لغة المال الوفير و أبواق المذاهب الدينية المتحجرة المثيرة للفتنة و التى علا صوتها فى الفترة الأخيرة ........ و لكن هيهات
كل هذا المجهودد الحقير لهذه الكيانات الوضيعة .. مصيره معروف مهما طال الزمن .. وهذه الأدوار الموزعة بعناية فائقة على المسرح العالمى لن يطول بها الأمر فقد مل المتفرجون من المسرحية و انتفضوا جميعا محطمين المسرح و مطاردين للمثلين ..... الكل يبحث عن الوقت فقط لاطالة أمد العرض .......... و لكن هيهات
فالعالم كله يعاد تشكيله يا سادة مهما طال الزمن و ان عصر الشركات الكبرى قد أوشك على الزوال و سطوة رأس المال على الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية فى طريقه الى نهايته المحتومة مهما عاندتم و كابرتم.
